استهل د. مجدى قاسم رئيس الهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد حديثه لـ «الشروق» بالتركيز على أن ثورة 25 يناير اختصرت زمنا طويلا كان يلزم لإحداث تطور سياسى فى مصر، مما سيكون له الأثر الكبير فى الاهتمام بالشباب فى خطط التنمية ولرفع معدلاتها، والتعليم هو المدخل الحقيقى للاهتمام بالشباب الذى سيقود هذه التنمية.
وهنا يتأمل قاسم معايير محتوى المناهج لجميع الصفوف الدراسية قبل الجامعية، التى عكفت الهيئة على وضعها خلال الفترة الماضية، فيراها الآن فى حاجة إلى إعادة نظر، لتركز على قيم وتوجهات ما بعد الثورة، والتى يمكن مناقشة تفاصيلها مع وزارة التربية والتعليم.
وبمزيد من التفصيل يرى أن هذه المعايير فى حاجة لأن تولى اهتماما أكبر ببناء وجدان الإنسان المصرى بما يجعله أكثر ثقة فى ذاته وشخصيته، بعد أن أثبت الشباب المصرى للعالم كله أنه يمتلك هذا التميز فى سلوكه وأدائه، فهى بحاجة الآن إلى تطعيمها بما يستعيد ثقة المتعلم فى ذاته، ويبرز القيم الإنسانية التى نستطيع أن نبنى عليها الشخصية المصرية للاستعداد لمرحلة التنمية المقبلة، بالتركيز على قيم العمل والتسامح وإنكار الذات، والصدق والتمسك بالمثل العليا، والمشاركة والعمل الجماعى.
● لكن كيف تضمن الهيئة تنفيذ هذه المعايير أثناء وضع المناهج؟
- ليس من سلطة الهيئة المشاركة فى وضع المناهج أو مراجعتها قبل إقرارها، لكن عملنا فى تقييم جودة أداء المؤسسات التعليمية، يتضمن قياس أثر هذه المناهج على التلميذ، وبالتالى يمكننا تحديد مؤشرات واضحة للتوجهات التى يجب أن تتضمنها المناهج، لإدراجها فى معايير محتوى المناهج مرة أخرى.
● لم ينقطع الجدل قبل انشاء الهيئة وحتى الآن حول أفضلية تبعيتها لمجلس الوزراء أو استقلالها، فكيف ترى هذه المفاضلة الآن بعد أربع سنوات من عمرها؟.
- بالطبع استقلال الهيئة يجعلها أكثر قوة وقدرة على العمل، وأكثر فاعلية، فمهمتها شاقة، ولديها الكثير من الخبرات والإمكانيات والدراسات التى أجرتها، لكن الناس لن تشعر بكل هذه الجهود إلا إذا قامت المؤسسات والوزارات القائمة على التعليم بالدور الذى يجب أن تقوم به، وهذا يحتاج إلى أن نجمع ـ كوطن ـ على أولوية النهوض بالتعليم معا، فلن تستطيع جهة واحدة أن تنهض بالتعليم وحدها فى فترة زمنية محددة وقصيرة، بل لابد من مشاركة المواطنين والقائمين على العملية التعليمية والمؤسسات والوزارات معا.
ويسترجع قاسم ما واجه عمل الهيئة عندما بدأت عملها فى عهد وزير التعليم الأسبق د. يسرى الجمل، ففى حين كان الوزير متفهما لعمل الهيئة لم يكن العاملون بالمدارس أو الوزارة متفهمين لعملها، ولم يتقبل الموظفون عملها، مما أثر بالسلب على التقدم نحو ترسيخ مفهوم الجودة بالمدارس، وقلل من أثر العمل الذى أنجزته الهيئة.
ويبتسم قاسم بهدوء معلقا على التعاون بين الهيئة ووزارة التربية والتعليم خلال عهد الوزير السابق أحمد زكى بدر، قائلا: إن المشاكل التى دخلتها الوزارة فى عهده لم تعطه الفرصة الكافية ليعمل فى ملف الجودة بالقدر المطلوب.
● ومن أى نقطة يجب أن ننطلق الآن لنحدث ثورة فى التعليم؟
- أن نبدأ فورا فى وضع خطة طموح للتعليم، تحدد أهدافها ونتائجها، وتكون قابلة للتعديل وفقا للظروف ومتطلبات المستقبل، وتشارك فيها جميع فئات المجتمع، قائمة على معرفة وفهم لطبيعة النشاط التعليمى ومتطلبات المرحلة القادمة، فكل مشاكل التعليم فى مصر يمكن حلها من خلال أفكار مبدعة، ونواة هذه الخطة توجد لدى الهيئة وتتمثل فى (الإطار القومى للمؤهلات)، الذى يعطى أولوية فى التعليم لجزء التدريب المهنى والأنشطة المرتبطة بالتنمية، والتى تعتمد على التدريب المستمر مدى الحياة، ويعتمد هذا الإطار على توصيف لجميع المؤهلات العلمية على المستوى القومى، وماهية ومواصفات المهن التى تقع تحت كل مؤهل ومتطلباته وشروط الانتقال من مؤهل لمؤهل، والتدريب اللازم لهذه المهن.
● وماذا عن التعليم الفنى؟
- لدينا خطة متكاملة لتطوير التعليم الفنى، طبقا للمعايير الحديثة، بالإضافة إلى خطة نشارك بها ـ عند اللزوم ـ لإحداث نقلة نوعية فى مستوى التعليم الفنى ومتطلبات المجتمع من مهن ومهارات، وأبرز ملامح هذه الخطة تحويل البرامج والمناهج الدراسية إلى وحدات، والفصل بين الوحدات العملية والنظرية، والاستفادة من كل مؤسسات التدريب على مستوى الوطن